حوارة تهشّم هيبة العدوّ: الفدائيون «لا يموتون أبداً»


*للاشتراك في موقع صدى الولاية الاخباري عبر تطبيق واتساب ادخل عبر رابط التالي👇*. https://chat.whatsapp.com/EJ0y038zc080yzWR1DhLUA
*فلسطين أحمد العبد*
الاخبار: الإثنين 21 آب 

رام الله | لم تكن عمليّة حوارة التي وقعت ظهيرة أول من أمس، السبت، وقُتل فيها مستوطنان، مجرّد عمليّة فدائية ضمن سلسلة العمليات التي تستهدف الاحتلال ومستوطنيه في الضفة الغربية المحتلّة، بل يمكن اعتبارها بمثابة زلزال أمني هزّ أركان المنظومة الأمنية الإسرائيلية والحكومة. وقد حملت هذه العمليّة النوعية، رسائل في أكثر من اتّجاه، فضلاً عن أنها جسّدت حقائق من حيث الزمان والمكان وآلية التنفيذ، لا يمكن تجاوزها. ولعلّ ما تقدَّم، يُفسّر الزيارة المستعجلة لرئيس الأركان، هرتسي هاليفي، وضباط الجيش، إلى موقع العمليّة.تجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال حوّلت حوارة إلى ثُكنة عسكرية تنتشر فيها الدوريات على مدار الساعة، وعلى طول الطريق الرئيسيّ للبلدة، فيما أقامت، خلال الأسابيع الماضية، نقاطاً عسكرية على أسطح المباني والمنازل، إضافةً إلى نشر مئات كاميرات المراقبة، بهدف منْع العمليّات الفدائية ضدّ المستوطنين.وخلال النصف الأول من العام الجاري، شهدت حوارة 169 عملاً مقاوماً: 28 عمليّة إطلاق نار، و3 عمليّات دهس، وعمليّة طعن واحدة، و7 عمليّات حرق منشآت وآليات وأماكن عسكرية، و17 عمليّة جرى فيها تحطيم مركبات ومعدات عسكرية إسرائيلية، و9 عمليّات إلقاء زجاجات حارقة ومفرقعات نارية، و44 نقطة مواجهة مع قوات الاحتلال، و19 تصدّياً لاعتداء المستوطنين، و36 عمليّة إلقاء حجارة، بالإضافة إلى 5 تظاهرات مندّدة بحصار البلدة والتضييق عليها. وهكذا، جسّدت حوارة، منذ بداية هذا العام، صورة مصغّرة عمّا يدور في الضفة الغربية؛ فبينما يستهدف المستوطنون منازل المواطنين بالحرق ورشق الحجارة وإطلاق النار، إلى جانب عمليّات الإعدام الميدانية التي ينفّذها جنود الاحتلال، يصرّ المقاومون على أن تبقى حوارة مقبرة لهؤلاء، لمواصلة تهشيم قوّة الردع الإسرائيلي، مستفيدين من موقع البلدة الواقع على الشارع الرئيسيّ بين شمال الضفة الغربية ووسطها (بين نابلس ورام الله) الذي يسلكه المستوطنون بصورة دائمة، ما يجعلهم صيداً ثميناً للمقاومين. وفي هذا الجانب، ذكرت صحيفة "معاريف" أن حوارة تحوّلت الى أكثر منطقة ساخنة بعد حصاد أرواح 4 مستوطنين وإصابة 7 آخرين، فيما تتصدّر أيضاً أعلى عدد قتلى وجرحى في صفوف الجيش والمستوطنين في الضفة الغربية منذ بداية 2023. وافتتح الشهيد عبد الفتاح خروشة العمليات الفدائيّة في حوارة، في الـ 26 من شباط الماضي، حين أردى مستوطنَين، لتتوالى العمليّات تتابعاً، وصولاً إلى العمليّة الأخيرة التي أسفرت أيضاً عن مقتل مستوطنَين. وفي التفاصيل، وصل القتيلان من أسدود إلى حوارة صباح يوم السبت، لإجراء بعض التصليحات في مركبتهما، وأثناء ذلك، وصلت معلومة للفدائي بوجودهما في محطّة لغسل السيارات، فانتقل إلى هناك وأطلق النار عليهما من مسافة صفر، وفق ما وثّقته الكاميرات.في هذا الوقت، تسعى المؤسّسة العسكرية الإسرائيلية إلى تدارك فشلها المدوّي بعد عمليّة حوارة، من خلال نشر تفاصيل تخفّف من وطأة الفشل الأمني والاستخباري، والزعم بأن المنّفذ كان على دراية بمكان وجود المستوطنَين وهاجمهما أثناء ضجيج عمل آلات غسل السيارات، في ما يفسّر عجز الجيش عن سماع إطلاق النار، على الرغم من وجوده بشكل دائم في المنطقة. ولكن ذلك يخالف ما جرى، إذ تمّ التبليغ عن عمليّة إطلاق نار، ساد الاعتقاد بأنها "جنائية"، وبأن المستهدَف فيها فلسطينيَّان اثنان. ولذلك، لم يكترث جنود الاحتلال، وتأخّروا لنحو نصف ساعة للوصول إلى المكان، حيث سبقهم الإسعاف الفلسطيني، فيما كان الفلسطينيون قد بدأوا يتناقلون معلومات عن القتيلَين وصورتهما وهويتهما على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد استطاع المنفّذ الانسحاب من المكان بهدوء.هشّمت عمليّة حوارة قوّة الردع الإسرائيلي، ونسفت نظريّة أمن مستوطني الاحتلال، وإجراءاته العسكرية، وأثبتت قدرة المقاومة على ضربه في أكثر الأماكن تحصيناً واستنفاراً. وفي هذا الإطار، ذكر موقع "واللا" العبري أن "عمليّة واحدة قاتلة كشفت نقاط فشل الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية... حوارة تحوّلت إلى مسار دموي بالنسبة إلى الإسرائيليين"، مضيفاً: "في المؤسّسة العسكرية، حاولوا تقليص المخاطر في المنطقة من دون نجاح. فبعد العمليّة الأولى في حوارة في شباط الماضي، أدركت المؤسّسة العسكرية الإسرائيلية أن العملية القادمة مسألة وقت فقط".وجاءت عملية حوارة في وقت انتظر فيه الفلسطينيون ردّاً على جرائم الاحتلال والمستوطنين الأخيرة المتمثّلة في اغتيال عدد من الشهداء في جنين ونابلس، واعدام مستوطن لفتى قرب رام الله. وراكم انسحاب منفّذ العمليّة من المكان وعجز قوات الاحتلال عن الوصول إليه حتى الآن، على الرغم من عمليّات الاقتحام الواسعة التي تنفّذها في عشرات القرى والبلدات المحيطة بحوارة، من فشل العدو. كذلك، بدا لافتاً أن ما يؤرّق الاحتلال هو دقّة التنظيم والتخطيط والتنفيذ، وسط ارتباك المنظومة الأمنية في كشف تفاصيل العمليّة، والتي قالت، في بداية الأمر، إنه جرى تنفيذها من سيارة مسرعة وببندقية رشاشة، ليتبّين لاحقاً، عقب انتشار مقطع مصوّر، أنها نُفّذت بمسدّس وأن المنفّذ كان على قدميه. كذلك، كرّست عمليّة حوارة حقيقة أن الردّ على جرائم الاحتلال والمستوطنين سيتحقّق في مكانه وزمانه المناسبَين، وبالتالي، فإن خيار المقاومة الذي تحاول إسرائيل اجتثاثه، يبدو فاعلاً ومؤثّراً وقادراً على ضربها.ارتفع عدد القتلى في عمليّات المقاومة إلى 33 منذ بداية العام الجاري


وعلى رغم أن قوات الاحتلال لا تمتلك معلومة حول ما إذا كانت العمليّة فردية أو بتنظيم وتوجيه إحدى فصائل المقاومة، إلّا أن معطياتها مقلقة وتدلّ على ارتفاع جودة التخطيط والإتقان والشجاعة في التنفيذ، واجتياز العقبات الأمنية والاستخبارية. وإذ لم تتضّح بعد التأثيرات التي ستتركها عمليّة حوارة على حكومة الاحتلال والمؤسّسة الأمنية، إلا أن تأثيرها عليهما يبدو أكيداً، وخاصّة في ظلّ المأزق الداخلي لحكومة نتنياهو، وحالة الصدام مع المؤسّسة العسكرية وضباط الجيش وقادته الذين يتحدّثون علانية عن تراجع كفاءة القوات المسلّحة، مع ازدياد حالات رفض الخدمة فيه.



وكما كان متوقّعاً، فقد ارتفع مستوى التحريض ضدّ الفلسطينيين بعد العمليّة، إذ شنّ المستوطنون سلسلة اعتداءات على بلدة حوارة والقرى والبلدات المجاورة لها والشوارع الخارجية الرابطة بين المدن والقرى الفلسطينية، كما خرجت دعوات لمحو البلدة أَطلقها غلاة المستوطنين المتطرّفين، من مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ونائب رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية، وأيّده في ذلك وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وطالبت صحيفة "إسرائيل اليوم" بشنّ عملية عسكرية في الضفة تستعيد الردع لعشرين عاماً قادمة، قائلة إن "المطلوب ليس عمليّة جراحية ودقيقة، بل المطلوب فوراً عملية من شأنها أن تعيد الرّدع". وتابعت: "طالما أن نتنياهو ووزير أمنه ومجلس الوزراء السياسي لم يشرعوا في تنفيذ إجراء عسكري كبير على نطاق واسع، فمحكوم علينا أن نستمرّ في الحزن على أمواتِنا". وانعكس ارتفاع حدّة المقاومة في الضفة، على حجم الخسائر في صفوف جنود الاحتلال والمستوطنين، إذ ارتفع عدد القتلى في عمليّات المقاومة إلى 33 منذ بداية العام الجاري، بينما بلغ عددهم طوال العام الماضي، 34 قتيلاً.
المصدر : admin
المرسل : الناشر الناشر